الثلاثاء، 21 يونيو 2011

تعبدي لله بهذا


نبذة :
أقدم للأخت المسلمة بعضاً من الأمور التي تحرص على أن تتعبد الله ـ عز وجل ـ بها في كل حين، جعلنا الله وإيّاها ممن يستعمله في طاعته، ورزقنا الإخلاص في القول والعمل، وغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.

بسم الله الرحمن الرحيم


المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد: فإنّ الله ـ عز وجل ـ أمرنا بعبادته وطاعته؛ حتى ننال الأجر والمثوبة، وندرأ عن أنفسنا العذاب والعقاب.

والمسلم مأمورٌ بعبادة الله وطاعته واستصحاب النية حتى في المباحات، لتتحول إلى قربة يحبها الله ـ عز وجل ـ: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الأنعام: 162] ووقت العبادة لا انقطاع له ولا أمد إلا مع آخر أنفاس الدنيا، ودخول الإنسان إلى الدار الآخرة {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [سورة الحجر: 99].

ومع إطلالة كل يوم وإشراقة كل شمس، وامتثالاً لقول الله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الذاريات: 55].

أقدم للأخت المسلمة بعضاً من الأمور التي تحرص على أن تتعبد الله ـ عز وجل ـ بها في كل حين، جعلنا الله وإيّاها ممن يستعمله في طاعته، ورزقنا الإخلاص في القول والعمل، وغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.

تعبدي لله..

أختي المسلمة: يحتاج المرء إلى أن يُذكَّر بين الحين والآخر، والذكرى تقع موقعها إذا أقبل المرء بقلبه {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الذاريات: 55].

وهذه بعض الأمور التي أحببت تذكيرك بها وإلاّ فهناك الكثير غيرها:

1- ألبسي أعمالك حلة من الإخلاص؛ فإن الله ـ عز وجل ـ لا يقبل عملاً فيه شرك معه، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [سورة البينة: من الآية 5]. وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [سورة النساء: من الآية 125].

قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ: "أي أخلص العمل لربه ـ عز وجل ـ فعمل إيماناً واحتساباً". [560/1]. وعن أبي هريرة مرفوعاً قال الله تعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» [رواه مسلم].

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "فالسجود، والعبادة، والتوكُّل، والتكبير، والتسبيح، والتهليل، والتحميد والاستغفار وحلق الرأس خضوعاً وتعبداً، والطواف بالبيت، والدعاء، كل ذلك محض حق الله ولا ينبغي لسواه من ملك ولا نبي مرسل". [الجواب الكافي ص 180]. ولا تنسي الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنِّي أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، واستغفرك لما لا أعلم» [رواه أحمد].

والتوحيد سبب لحصول الأمن في الدنيا والآخرة قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [سورة الأنعام: 82].

2- تعبدي الله ـ عز وجل ـ بالصلاة في وقتها واحذري أن تقعي فيما وقع فيه أقوام ذم الله ـ عز وجل ـ حالهم وتوعدهم: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [سورة الماعون: 5]. والسهو: هو تركها حتى يخرج وقتها.

واحرصي على الاهتمام بأدائها على الوجه الأكمل، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل لينصرف ما كتب له إلا عشر صلاته، وتسعها، ثمنها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها» [رواه أبو داود].

وقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وهو على المنبر: "إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة، قيل: وكيف ذلك؟ قال: لا يُتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله ـ عز وجل ـ فيها".

3- تعبدي الله بالجلوس في المنزل، وعدم الذهاب للأسواق. ففي هذا القعود تكسب المرأة المسلمة أموراً كثيرة منها:

أولاً: البعد عن الأسواق، وهي أماكن ذمها النبي صلى الله عليه وسلم، وفي البقاء في المنزل بُعدٌ عن مواطن الفتن.

ثانياً: المحافظة على الوقت، الذي تصرفه في طاعة الله والتقرب إليه.

ثالثاً: إنجاز أعمال المنزل بيسر دون ضغط نفسي.

رابعاً: راحة البال وصفاء الذهن.

خامساً: البعد عن الإسراف والتبذير. وهناك فوائد أخرى لا تخفى على الأخت المسلمة.

قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: "ما تقربت امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها".

وقالت أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ: "إن خيراً للمرأة ألا ترى الرجال ولا يروها".

والموفَّقة من النساء توصي من تثق به لشراء ما تريد، أو تجعل لها وقتاً كل ثلاثة أشهر تذهب فيه مع محرمها للسوق وتشتري ما تريد مرة واحدة. وهناك نساء كثر يفعلن مثل هذا، وما نقص من جمالهن وبهائهن شيء، بل هن قريرات العين.

4- تعبدي الله ـ عز وجل ـ بالدعوة إليه في هذا الزمن فإن النفوس متشوقة لسماع الخير، والقلوب متفتحة لسماع النصيحة، والتجارب في هذا كثيرة جداً، والدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ من أجل الطاعات وأعظم القربات.

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "فالدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد وأجلها وأفضلها وفيها الرفعة في الدنيا والآخرة". كما قال ـ رحمه الله ـ: "إن أفضل منازل الخلق عند الله منزلة الرسالة والنبوة فالله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس".

والدعوة إلى الله من أبواب الصدقة، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [سورة البقرة: 3]. قال الحسن: "من أعظم النفقة نفقة العلم". وفي الدعوة من الأجور ما الله به عليم.
وفيها جاء رجاء صلاح الذرِّية، وسعة البال، وانشراح الصدر، فكوني من الدعاة بحسب الطاقة والجهد.

5- تعبدي الله ـ عز وجل ـ بإخراج جيل صالح عبر تربية الأبناء، والمحافظة عليهم، وتعليمهم السنن والآداب: فإنَّ هذا الأمر الواجب يكون من السهل حفظه وتعلمه في هذه السن، واعلمي أنَّ لك أجر الدعوة إلى الخير وتعليم الصغار ذلك حيث قال صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله». قال النووي: "دل بالقول واللسان والإشارة والكتابة". ونحن نطمح في أن تخرجي لك وللأمة رجالاً صالحين مصلحين. وما ذلك على الله بعزيز.

6- تقربي إلى المولى ـ جل شأنه ـ بحب ما يحب من الخير، وبغض ما يبغض من المنكر، وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهذا أمرٌ عظيم، وهو سبب لإجابة الدعاء ورفع البلاء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "ومن لم يكن في قلبه بغض ما يبغض الله ورسوله من المنكر الذي حرمه من الكفر والفسوق والعصيان، لم يكن في قلبه الإيمان الذي أوجبه الله عليه، فإن لم يكن مبغضاً لشيء من المحرمات أصلاً لم يكن منه إيمان أصلاً".

7- طرزي حياتك بجميل الخصال، وتقربي إلى الله ـ عز وجل ـ بالجلوس مع زوجك وأبنائك؛ فإن في الجلوس معهم أنساً بك وتعليماً لهم وحفظهم من الشرور وإشباعاً لحاجاتهم النفسية والعاطفية، وليكن بينكم مودة ورحمة ولقاء إيماني يقرأ فيه كتاب الله ـ عز وجل ـ وتغرس فيه الفضائل.

8- حصني نفسك بقراءة باب من أبواب التوحيد، الذي ضيَّعه كثير من الناس في هذا الزمن، وانظري في نواقض الإسلام، وكيف وقعت لدى البعض، وتأملي في حال ضعف التوكُّل، وإتيان السحرة والكهان، وتعليق التمائم وغيرها كثير. ومن أسهل وأيسر الكتب للمبتديء حاشية كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن قاسم ـ رحمه الله ـ ، وبإمكانك قراءة بابٍ من أبواب التوحيد كل يوم؛ لتكتمل قراءة الكتاب في شهور قليلة؛ ولو قرأت باباً واحداً فقط من أبواب الكتاب لعرفت فائدته العظيمة.

9- سابقي لإكرام الضيف؛ فهذا من سنن الأنبياء، وقد عده الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان فقال عليه الصلاة والسلام : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» [رواه مسلم]، واحرصي على أن لا يأكل طعامك إلا صاحب طاعة وعبادة؛ امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم: «ولا يأكل طعامك إلا تقي..» [رواه أحمد] وفي موسم رمضان المبارك سابقي لإطعام الطعام وتفطير الصوُّام: وهذا فيه أجر عظيم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء» [رواه أحمد].

قال الشافعي ـ رحمه الله ـ: "أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان؛ إقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثير منهم بالعبادة عن مكاسبهم".

10- تقربي إلى الملك الكريم بالاهتمام بأمر الجيران، وتفقد أحوالهم، وإرسال الطعام لهم حتى وإن كانوا أغنياء. سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» [رواه البخاري].

واحرصي على القليل والكثير، ولا تحقري من المعروف شيئاً. فقد استطعم مسكين عائشة ـ رضي الله عنها ـ،وبين يديها عنب فقالت لإنسان: خذ حبة فأعطه إياها، فجعل ينظر إليها ويتعجب، فقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: "أتعجب؟ كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة؟" [الموطأ 997/2].

11- اقتني كتب السيرة، واقرئيها أنت ومَنْ معك في البيت خاصة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام. قال علي بن الحسين ـ رضي الله عنهما ـ: "كانوا يعلموننا المغازي والسير كما يعلموننا السورة من القرآن".

ومن أفضل كتب السير: كتاب (مختصر السيرة) للشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وفي سير الصحابة كتاب (صور من حياة الصحابة)، وكتاب (صور من حياة التابعين) وغيرها. وستجدين بعد برهة تعلُّق الجميع ومحبتهم للسلف الصالح بدلاً من غيرهم من رعاع الناس.

12- احرصي على كتابة وصيتك خاصةً إذا كان عليك حقوق، قال صلى الله عليه وسلم: «ما حق امرىء مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليليتين إلاّ ووصيته مكتوبة عنده» [رواه البخاري].

قال الشافعي ـ رحمه الله ـ: "ومن مات وقد أوصى مات على سبيلٍ وسنة" [رواه ابن ماجه].

وقال أبوبكر المزني: "إن استطاع أحدكم أن لا يبيت إلا وعهده عند رأسه مكتوب فليفعل؛ فإنه لا يدري لعله أن يبيت في أهل الدنيا ويصبح في أهل الآخرة".

13- احملي هم هذا الدين، ولا تكن أمور الدنيا من ملبس، ومأكل، ومشرب،هي الهم الأكبر لديك، فما هذا ديدن نساء المؤمنين وبناتهم! وفي هذا الزمن اجتهد الأعداء وأجلبوا بخيلهم ورجلهم نحو إغراق المسلمة في البحث عن الأزياء، والأحذية، والألوان، والألعاب، حتى تركت الأمر الأهم، وهذه بُغيتهم.

14- استشعري نعم الله عليك في كل شيء {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [سورة النحل: 53]. وأعظم النعم وأتمها وأكملها نعمة الإسلام، فاسعي إلى التمسك به وشكر المنعم على نعمته وسؤاله الثبات عليه حتى تلقي الله ـ عز وجل ـ.

15- صاحبة الهمة تستبدل مكالمات الهاتف والأحاديث الفارغة، وتحولها إلى أحاديث فيها الدلالة على الخير وإشاعته، فإن الكثيرات تحرك هممهن وتشتاق أرواحهن للجنة إذا سمعن الخير، ورأين من يعملن وهن قاعدات.

وتجنبي رضى الناس في سخط الله ـ عز وجل ـ قال الشافعي: "ورضى الناس غاية لا تدرك، فعليك بالأمر الذي يُصلحك فألزمه، ودع ما سواه، فلا تعانه، فإرضاء الخلق لا مقدور ولا مأمور، وإرضاء الخالق مقدور ومأمور" [الطحاوية].

16- سابقي إلى الدرجات العلا بزيادة ساعة عمل للآخرة، ولتكن من ساعات نومك مثلاً فإذا كنت تنامين ثماني ساعات فاجعلي نومك سبع ساعات واصرفي هذه الساعة في طاعة الله ـ عز وجل ـ.. فيذهب النوم، ويبقى الأجر ـ بإذن الله تعالى ـ.

17- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بحمل هم هذا الدين في كل وقت ومكان، إن ذهبت للمستوصف فكري كيف تخدمين الإسلام وتدعين إلى الله بحمل كتب وأشرطة لتوزيعها. وإن ذهبت إلى مكان عام ليكن لك أثر فيه. ولقد رأيت أناساً أسلموا حديثاً، وجل حديثهم عن الإسلام، ومن أسلم، وكيف نرسل الكتب؟ وكيف نصل إلى فلان؟... الخ.

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "إذا أحب الله عبداً اصطنعه لنفسه، واجتباه لمحبته، واستخلصه لعبادته، فشغل همه به ولسانه بذكره وجوارحه بخدمته".

18- لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تهادوا تحابوا» أثر في إزالة الشحناء، ونبذ البغضاء، ورفع درجة المحبة. فتعبدي لله ـ عز وجل ـ بامتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وبإدخال السرور على أخواتك المسلمات. ولتكن هديتك ذات فائدة.

19- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بالأذكار المشروعة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، واحفظيها، وردديها كما وردت بدون زيادة أو نقصان، بل واقتني من مطويات الأذكار، وانشري سنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي هي أرخص قيمة مادية مما تصورين!

20- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بتذكر الجنة ونعيمها والنار وأغلالها وزفيرها، واسألي الله ـ عز وجل ـ أن يحسن خاتمتك في الأعمال كلها، وفي خروجك من الدنيا.

وأقبلي على الله ـ عز وجل ـ: "فإن في القلب شعثاً لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه، وفيه ثلاث حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً" من كلام ابن القيم ـ رحمه الله ـ.

21- تقربي إلى الله ـ عز وجل ـ بسلامة صدرك من الغل والحسد والحقد، فقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب، صدوق اللسان» قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: «هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل ولا حسد» [رواه ابن ماجه].

22- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بإصلاح ذات البين ممن حولك فإن الشيطان يسعى إلى إيقاع العداوة والبغضاء وسوء الظن وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة»؟ قالوا: بلى. قال: «إصلاح ذات البين» [رواه أبو داود].
فاسعي إلى تنقية الأجواء، وبث حديث المحبة بين الطرفين.

23- تقربي لله ـ عز وجل ـ بالسعي في حوائج المسلمات وتفريج كربهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربةً فرج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة» [متفق عليه]. وأصحاب الحوائج كثر في هذه الأيام، واحمدي الله ـ عز وجل ـ أنك تعطين ولا تأخذين.

24- لا يكن هنالك حائل بينك وبين فعل الخير، فاجعلي لك سهماً في كل أبواب البر والصلة، فأنتِ لا تعلمين أرجى أعمالك عند الله ـ عز وجل ـ ولا تحقري من المعروف شيئاً.

وفي هذه الأيام ولله الحمد انتشرت حلق تحفيظ القرآن في المساجد، وكذلك دور التحفيظ النسائية، فبادري إلى الدلالة عليها، ودعمها مادياً ومعنوياً فإن في ذلك أجراً عظيماً. قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "وإنَّ إعانة المسلمين بأنفسهم وأموالهم على تعلُّم القرآن وقراءته وتعليمه من أفضل الأعمال". [الفتاوى 216/24].

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "فإن من بخل بماله أن ينفقه في سبيل الله وإعلاء كلمته سلبه الله إياه، أو قيض له إنفاقه فيما لا ينفعه دنياً ولا أخرى، وإن حبسه وادخره منعه التمتع به، ونقله إلى غيره فيكون له مهنئوه، وعلى مُخلفه وزره، وكذلك من رفه بدنه وعرضه وآثر راحته على التعب وفي سبيله أتعبه الله ـ سبحانه وتعالى ـ أضعاف ذلك في غير سبيله ومرضاته".

25- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بكتم الغيظ والعفو عن المسيء؛ فإنَّ الله ـ عز وجل ـ جعل لذلك مراتب عالية رفيعة، قال ـ تعالى ـ: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [سورة آل عمران: من الآية 134]. فاكتمي غيظك، واعفي عمن ظلمك، بل واحسني إليهم؛ لتنالي المراتب العلا.

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "الدرجة الثانية: أن تُقرب من يُقصيك، وتكرم من يؤذيك، وتعتذر إلى من يجني عليك، سماحة لا كظماً، ومودة لا مصابرة.. إلى أن قال: ومن أراد فهم هذه الدرجة كما ينبغي فلينظر إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مع الناس يجدها هذه بعينها، ولم يكن كمال هذه الدرجة لأحد سواه، ثم للورثة منها بحسب سهامهم من التركة". [المستدرك على مجموع الفتاوى 121/1].

26- أقبلي على كثرة الصدقة: انظري في ملبسك وحليك تجدي الكثير مر عليه سنوات أو شهور دون أن يلبس. فلعل الله أن يستر به مسلمةً وأن يدخل السرور على قلب أختك الفقيرة المسكينة. وأذكرُ أن امرأة دُعيت لحفل زفاف ابنة زميلة لها وكانت أحوالهم مستورة. فأرسلت لهم ظهر ذلك اليوم ثياباً قد استعملت وعقداً لا تزيد قيمته عن المائتي ريال. وفوجئت عند المساء وفي حفل الزواج أنَّ العروس تلبس كل ما أرسلت لها، وماذاك إلا من الحاجة والفقر. فيا ترى كم من سرور أدخلته على العروس وأهلها.

وتخيري طيب مالك؛ فإنَّ الله ـ عز وجل ـ يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [سورة آل عمران: من الآية 92].

27- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بقراءة كتابة وحفظ سورةٍ أو أكثر كل شهر، وإن كنت من أصحاب الهمم فاجعلي لك جدولاً لحفظ أجزاء من كتاب الله ـ عز وجل ـ ؛فإنَّ الأجر عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» [رواه الترمذي]. وقد ذُكر لي أنَّ امرأة متزوجة ولديها أطفال، وتقرأ في شهر رمضان فيما بين العشاءين ثلاثة أجزاء كل يوم.وقد كان السلف يختمون في سبعة أيام، فإذا جاء رمضان ختموا كل ثلاثة وبعضهم أقل.

وهناك دورات تقام في مدارس تحفيظ القرآن المسائية يُحفظ فيها القرآن الكريم كاملاً في دورةٍ مدتها ثمانية أشهر فقط! فأين أنت من هذا الخير العظيم؟!.

28- عطري سمعك بسماع إذاعة القرآن الكريم؛ فإن فيها خيراً كثيراً عظيماً، وهي دوحة خضراء مورقة، وليكن في مطبخك مذياع؛ لتسمعي الدروس والمواعظ وآيات الله البينات، وإن كنت حافظةً فراجعي حفظك معهم، ودلي من حولك على هذه الإذاعة العظيمة.

29- ارفعي صوتك إلى عنان السماء بالدعاء لك، ولزوجك، ووالديك، وذريتك، والمسلمين أجمعين، واقتدي بالأنبياء والصالحين فقد كانوا يدعون لأنفسهم، ومن حولهم: {هَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً} [سورة آل عمران: من الآية 9]، {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [سورة إبراهيم: من الآية 41]، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [سورة الفرقان: من الآية 74]. وغيرها كثير، فلعل الله أن يستجيب لدعوتك، فإن الله جواد كريم.

30- احتفي بإظهار الحرص على مواطن الخير، كيوم عرفة، ويوم عاشوراء، واحرصي على موافقة ليلة القدر: فإن ذلك دلالة على محبة الخير والحرص عليه، واستشعري عظم الأجر والمثوبة في هذه الليلة العظيمة قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري].
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها، وأنفع لها في معادها".

31- اجعلي لك ريالات تجمعينها؛ لتكون في وقفٍ يدر عليك الحسنات في الدنيا وبعد الممات، والوقف أجر دائم. وقد شرع الله ـ عز وجل ـ الوقف، وندب له فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علماً نشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه، ومسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته» [رواه ابن ماجه].

قال جابر ـ رضي الله عنه ـ: "فما أعلم أحداً كان له مال من المهاجرين والأنصار إلا حبس مالاً من ماله صدقةً مؤبدةً لا تُشترى أبداً، ولا توهب، ولا تورث".

32- اسعي إلى أن تلحقي بركب الكرام، واجعلي لك خبيئة من عمل لا يعلمها أحدٌ من الناس حتى زوجك، واكتمي حسناتك كما تخفين سيئاتك.

قال محمد بن واسع: "إن كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته معه لا تعلم به". فإن الإخلاص في العمل يرفع القدر ويعلي المنزلة.

قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "إذا كان العبد مخلصاً له اجتباه ربه، فيحيي قلبه واجتذبه إليه، فينصرف عنه ما يضاد ذلك من السوء والفحشاء" [مجموع الفتاوى[216/10].

قال سهل بن عبد الله: "ليس على النفس أشق من الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب".

ولهذا كان الأجر عظيماً لمن صدق التوجُّه لربه. قال ابن تيمية في هذا الشأن: "والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه عبوديته ، فيغفر الله به الكبائر كما في حديث البطاقة، فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق".

33- جملي مجلسك بالسرور والفرح بالعبادة والتذكير بحال السلف في ذلك، فإن كان الوقت شهر رمضان المبارك فاذكري لهم حال السلف.. فقد كانوا يدعون الله ـ عز وجل ـ أن يبلغهم رمضان، فإذا أقبل رمضان جدوا واجتهدوا حتى إذا أزف على الرحيل ودعوه بالدموع محبة لما هم فيه من الصيام والقيام، ولما يرجونه من الله ـ عز وجل ـ في ذلك، وقد رأيت كبار السن يبكون إذا أعلن عن انتهاء الشهر؛ فهذا حبيب مفارق لا يعلمون هل يرون هلاله مرة أخرى أم لا!

34- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بأداء فريضة الحج التي هي ركن من أركان الإسلام، ولا تسوِّفي ولا تأخِّري؛ فإنَّ الإنسان لا يعلم ما في الغيب قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تعجلوا إلى الحج؛ فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» [رواه أحمد] واحرصي على المداومة على العمرة بين الحين والآخر إذا تيسر لك، ذلك وخاصةً في شهر رمضان فقد ورد فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا جاء رمضان فاعتمري؛ فإن عمرة فيه تعدل حجة» أو قال: «حجة معي» [رواه البخاري] والتزمي بالستر والحجاب التام، وابتعدي عن مضايقة الرجال، وأحسني إلى نفسك حتى ترجعي مأجورةً لا مأزورةً.

35- الزمي الرفق بالخادمة ومن هم تحت يدك؛ فإن الله ـ عز وجل ـ أمر بالرفق في كل شيء قال عنهم: «ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» [رواه البخاري].

واحرصي على تعليمها أمور دينها حتى تعود إلى بلادها داعيةً فيكون لك أجر الدلالة على الخير قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله» [رواه مسلم].

36- طيبي لسانك بالكلم الجميل: فإنها قربة إلى الله ـ عز وجل ـ، وفي ذلك تربية للنفس على الصبر وضبطها، واحتسبي الكلمة الطيبة صدقة من الصدقات التي تقومين بها. قال صلى الله عليه وسلم: « والكلمة الطيبة صدقة»، «وتبسمك في وجه أخيك صدقة».

37- أنفقي من مالك لنشر الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ وانظري في حال أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وقد أنفق ماله كله في سبيل الله، وتأملي في حال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وقد أنفق نصف ماله في سبيل الله! ثم انظري ماذا أعدَّ الله ـ عز وجل ـ لك حين تنفقين ريالاً واحداً لطبع كتاب أو شريط ثم يصل إلى أقصى الأرض، ويقع أثره على تلك الأرض التي حط بها.. فتقام الصلاة بعد هجرها، ويصحح التوحيد بعد تفلته، ويعبد الله حق عبادته! كم لك من الأجور! يأتي يوم القيامة أناس بحسنات، وتأتين يوم القيامة ـ بإذن الله ـ بأقوام كنت السبب في هدايتهم إلى الطريق الصحيح. فإن أقاموا الصلاة فلك مثل أجورهم، وإن صاموا وإن تصدَّقوا وإن ذكروا الله ...وهكذا. وفضل واسع يؤتيه الله من يشاء!

وأعرف رجلاً فلبينياً أسلم حديثاً، ووهب نفسه للدعوة حتى أسلم على يديه أربعة آلاف شخص حسب الإحصاءات الرسمية!

وكم من مُعلمة هدى الله ـ عز وجل ـ على يديها من الطالبات وهؤلاء الطالبات تخرجن وأصبحن داعيات في مدارسهن.. والسلسلة طويلة إلى يوم القيامة.

قال عوف بن عبد الله: "إنَّ من كان قبلكم كانوا يجعلون للدنيا ما فضل على آخرتهم، وإنَّكم اليوم تجعلون لآخرتكم ما فَضَل عن دنياكم". [تذكرة الحفاظ 299/1].

38- إن كنت متزوجة فعليك بحسن التبعل لزوجك من حسن الخلق، وطيب المعشر، وتفقد أحواله، ودلالته على الخير، وتجنبي إغضابه، واصبري على ما تلاقينه من صعوبات، واطيعيه في غير معصية فقد بشَّرك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «إيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة» [رواه الترمذي].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج". [الفتاوى 260/32].

وانظري أين أنت منه؟ «فإنما هو جنتك ونارك» وإنْ أصابك أمر من الزوج أو معاشرته فاعلمي أن ذلك من الابتلاء لتكفير السيئات ورفع الدرجات، وهي لابد منها في هذه الدنيا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "العوارض والمحن كالحر والبرد، فإذا علم العبد أنه لابد منها لم يغضب لورودهما ولم يغتم لذلك، ولم يحزن". [المستدرك على الفتاوى 145/1].

39- من أعظم القربات المنسية البر بالوالدين أحياءً أو أمواتاً، فإن كانوا أحياءً فزيارتهم وإظهار سعادتك وسرورك حتى تطمئن أنفسهم؛ وبالغي في إكرامهم وخاصةً عند الكبر، ولا تنسي إهداءهم الهدايا الطيبة وتفقُّد أحوالهم، وإن كانوا أمواتاً فبالترحم عليهم والدعاء لهم والصدقة عنهم؛ فإن هذا من البر بهم. سأل رجل من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل بقي عليَّ من بر أبويّ شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: «نعم خصال أربع: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحمة التي لارحم لك إلا من قبلهما، فهذا الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما» [رواه أحمد].

40- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بالترديد مع المؤذن: فإنَّ البعض من الأخوات تتساهل في هذا الأمر، وهو يتكرر خمس مرات في اليوم، وقد ورد فيه فضلٌ كبيرٌ، ومن السنة الترديد مع المؤذن ثم الدعاء: «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد»؛ لتحصل لك شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.

41- ما أحببتِ مكاناً الإ طال مكوثك فيه.. اسعدي بالجلوس في مصلاك حتى تطلع الشمس: فإنَّ الوقت قصير جداً وفيه أجر عظيم قالصلى الله عليه وسلم: «من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة»، قال صلى الله عليه وسلم: «تامة تامة» [رواه الترمذي].

42- تعبدي بإعانة زوجك وأبنائك على أعمال الخير ومن ذلك مثلاً الاعتكاف: فلك في هذا أجر الدلالة على الخير، والاعتكاف سنة؛ قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: "إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ـ عز وجل ـ، ثم اعتكف أزواجه من بعده". [رواه البخاري].

قال الإمام الزهري: "عجباً للمسلمين تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله ـ عز وجل ـ".

وليكن شعارك دفعهم إلى أعمال العبادة والخير؛ لتنالي الأجر والمثوبة.

43- الحال في غفلة ولابد من محاسبة النفس ومراجعة أعمالها طوال عام مضى، قال ابن القيم: "إذا خلا القلب من ملاحظة الجنة والنار، ورجاء هذه والهرب من هذه فترت عزائمه، وضعفت همته، ووهي باعثه، وكلما كان أشد طلباً للجنة وعملاً لها، كان الباعث له أقوى، والهمة أشد والسعي أتم".

44- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بالبعد عن الحرام، واحذري أموال الربا، والغش، والخداع ،والسرقة، وغيرها، قال إبراهيم بن أدهم: "ما أدرك مَنْ أدرك إلا من كان يعقل ما يدخل جوفه".

وكانت الزوجة الصالحة من السلف تقول لزوجها إذا خرج إلى عمله: "اتقِ الله، وإياك والكسب الحرام، فإنَّا نصبر على الجوع والضر، ولا نصبر على النار".

ولا تكن الدنيا أكبر همك؛ فإنَّها إلي زوال، طال الأمد أم قصر!

45- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بعدم النظر في الشاشات خاصةً ما حرم الله ـ عز وجل ـ: فقد غزت الأمة هجمة شرسة أضاعت أوقاتهم، وفرقت قلوبهم عن الطاعة. وكأنَّي به رجل يضيع أوقات التجار عن البيع والشراء وصرفهم عن أعمالهم، فهل ـ ياترى ـ هذا الرجل محبوب أم مذموم؟ من أوضح الأمثلة على هذا التفريط ما ترك الناس رمضان والاهتمام بالعبادة فيه إلا حينما صرفوا قلوبهم نحو الشاشة. فتعبدي لله ـ عز وجل ـ بتركها وسوف تجدين الأنس والسعادة ما تقر به عينك، فإنَّ الذنوب لها آثار كثيرة.

46- تقربي لله ـ عز وجل ـ بترك فضول الطعام والاستفادة من ذلك الوقت في الطاعة والعبادة، ولا تبالغي في كثرة المأكل والمشرب؛ فإن الله عز وجل ذم الإسراف: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [سورة الأعراف: من الآية 31].

قال الشافعي ـ رحمه الله ـ: "ما شبعت منذ ست عشرة سنة؛ لأن الشبع يثقل البدن، ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبة عن العبادة".

قال مجاهد: "لو أنفق الإنسان ماله كله في الحق لم يكن مبذراً، ولو أنفق مداً في غير حق كان مبذراً"!

47- أمطري الخير مطراً، وليكن لك سهم في تعليم العلم النافع، فلو علَّمتِ ابنك سورة الفاتحة فحسب وحفظها، فكم فيها من الحسنات؟ وإذا وجبت عليه الصلاة فكم من مرة يقرؤها في اليوم والليلة؟ ولو أصبح مدركاً غداً فكم من طالب سيعلمها إياه؟ الأجر عظيم ومتواصل، وأنت لا تعلمين نهايته، ومما يسر الخاطر في جانب التعليم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وأن العالم ليستغفر له من في السموات والأرض حتى الحيتان في الماء..» [رواه أحمد] وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله وملائكته حتى النملة في حجرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير» [رواه الترمذي].

48- ادع الله ـ عز وجل ـ ألا يجعلك ممن ينشرون ما يغضبه من تشبه بالكفار، أو سماع الأغاني، أو التساهل في الحجاب. فقد يكون المرء من دعاة الضلالة، ويلحقه الوزر في ذلك، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ومن دعا إلي ضلالة كان عليه من الأثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً» [رواه مسلم].

قال الشاطبي ـ رحمه الله ـ: "طوبى لمن مات وماتت معه ذنوبه، والويل لمن مات وبقيت ذنوبه مائة سنة ومائتي سنة".

وتأملي في حال امرأة نشرت العباءات الغير محتشمة بين النساء، كيف هو وزرها ووزر من تبعها إلى يوم القيامة؟ كيف هي تلك التي تدعو إلى السفر للخارج وسماع الموسيقى و....؟

50- الحرص على السنن والرواتب من سمات الصالحين والصالحات: عن أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبدٍ مسلم يُصلي لله تعالى كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلاّ بنى الله له بيتاً في الجنة» [رواه مسلم].

لا يغيب عن بالك تعليم الصغار دعاء الطعام، والنوم، وأذكار الصباح والمساء، وليكن بيتك دوحة إيمانية مُثمرة: فكل ما تزرعينه اليوم تجدين ثمرته في الدنيا وحصاده في الآخرة أجراً ومثوبة. وتقربي إلى الله ـ عز وجل ـ بتعويذ أبنائك كل يوم ورفع الصوت؛ ليتعلموا ذلك، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعوّذ الحسن والحسين «أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لأمة» [رواه البخاري].

51- فلعل الله أن يهدي على يديك ضالة أو أن تتعلم سنة فيكون لك مثل أجر فاعلها، كما قال صلى الله عليه وسلم، ولتكنْ الدعوة صدقة منك عليهم قال تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [سورة البقرة: 3].

قال الحسن: "من أعظم النفقة نفقة العلم".

اصبري على إيقاظ الزوج والأبناء لقيام الليل وصلاة الفجر وكذلك للسحور في شهر رمضان؛ فإن فيه بركة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تسحروا؛ فإنَّ في السحور بركة» [متفق عليه].
وتعبدي لله ـ عز وجل ـ بالاستغفار والدعاء في هذا الوقت العظيم؛ فأبواب السماء مفتوحة، والرب جواد كريم.
53- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بصلاة ركعات في جوف الليل الأخير، وإن خشيت عدم الاستيقاظ فأوتري قبل النوم، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة كما في الحديث المتفق عليه: أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث: «صيام ثلاثه أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» وقيام الليل سنة مؤكدة حافظ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل» [رواه مسلم]. وصلاة التروايح في رمضان أمرها عظيم قال صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».
فاحرصي على أدائها إن تيسر لك في مسجد من المساجد القريبة دون أن يكون هناك فتنة، وإلاَّ فأديها في عقر دارك.

54- إن كتب الله لك طول العمر، وادركت شهر رمضان احرصي على الاجتهاد في العشر الأواخر؛ فإنها نهاية الشهر وختامه وقد قالت عائشة أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد، وشد المئزر» [رواه البخاري].

55- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بترك الذنوب والمعاصي، فإن خطرها عظيم، واجتنبي الغيبة والنميمة، واتركي قراءة المجلات الهابطة ومشاهدة المسلسلات وسماع الموسيقى، وتجنبي ما يغضب الله ـ عز وجل ـ، ولا تزرعي في صغارك المعاصي فينشأوا عليها، فيكون عليك وزر غرسها في نفوسهم.

56- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بكثرة الذكر؛ ففيها الأجر العظيم مع قلة الجهد والتعب قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [سورة البقرة: من الآية 152] وقال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [سورة الأحزاب: من الآية 35]، وقد مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه بقوله صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت» [رواه البخاري]. وقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنَّ شرائع الإسلام قد كثرت عليّ، فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: «لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله» [رواه الترمذي].

والآيات والأحاديث في فضل الذكر كثيرة جداً، لا تخفى على المسلمة، ولله الحمد.

57- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بإدخال السرور على قلوب الصغار بشراء الحلوى وتقديمها لهم بين الحين والآخر، واجعلي العيد الحقيقي هو عيد الإسلام (الفطر والأضحى) لا الأعياد المحدثة.

58- تقربي لله ـ عز وجل ـ بلبس اللباس الساتر المحتشم الذي أمر الله ـ عز وجل ـ به فهوعبادة، واحذري الانسياق مع الأزياء المخالفة للشريعة التي هي لباس الكافرات؛ فإنَّ التشبه بهن محرم. ولا تنزلقي مع المنزلقات في لباس العري الذي انتشر في هذا الزمن، واخشي أن تكوني ممن وقع في ذلك فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة» [رواه البخاري].

59- ابعثي التفاؤل فيمن حولك أن العاقبة للمتقين وأن النصر لهذا الدين لكن تساءلي: ما دورنا ممن يقومون بهذا الدين وينصرونه؟ وليكن لديك مشاريع جاهزة لطرحها مثل كفالة الأيتام، والدعاة، وطبع الكتب، ونشرها، وغير ذلك من أعمال الخير.

60- تذللي بين يدي الله ـ عز وجل ـ أن يقبل عملك القليل، وأن يبارك فيه، واحذري العُجب بما قدمت من أعمال؛ فإنَّه أصل مرض إبليس، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكثيراً ما يقرن الناس بين الرياء والعجب، فالرياء من باب الإشراك بالخالق، والعجب من باب الإشراك بالنفس، وهذا حال المستكبر، فالمرائي لا يحقق قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} والمعجب لا يحقق قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. فمن حقق قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} خرج عن الرياء، ومن حقق قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} خرج عن الإعجاب". [الفتاوى 277/10].

وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "لا شيء أفسد للأعمال من العُجب ورؤية النفس، ولا شيء أصلح لها من شهود العبد مِنة الله وتوفيقه والاستعانة به والافتقار إليه، وإخلاص العمل له". [الفوائد ص 64].

61- أرسلي الدمع مدراراً في هجعة الليل وظلمته من خوف الله ـ عز وجل ـ، وقد أثنى الله ـ عز وجل ـ على أهل الخشية فقال تعالى: {يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [سورة النور: من الآية 37].

قال أبو سليمان الداراني: "أصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله ـ عز وجل ـ، وكل قلب ليس فيه خوف هو قلب خرب". وليكن لك ساعة تناجين الله ـ عز وجل ـ فيها وتسألينه الجنة، والفردوس الأعلى منها.

قال الحسن: "ما أغرورقت عين بمائها من خشية الله إلا حرم الله جسدها على النار، فإن فاضت على خدها لم يرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة، وليس من عمل إلا له وزن وثواب، إلاَّ الدمعة من خشية الله، فإنَّها تطفيء ما شاء الله من حر النار، ولو أن رجلاً بكى من خشية الله في أمة لرجوت أن يرحم الله ببكائه الأمة بأسرها". [الزهد للحسن البصري ص 99].

وكان محمد بن المنكدر إذا بكى مسح وجهه ولحيته بدموعه ويقول: "بلغني أن النار لا تأكل موضعاً مسته الدموع"، وذُكر أن عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ إنه كان يصلي ذات ليلة فقرأ: {إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ} [سورة غافر:71] فجعل يرددها ويبكي حتى أصبح.

وعن تميم الداري ـ رضي الله عنه ـ أنه قرأ هذه الآية: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [سورة الجاثـية: من الآية 21]. فجعل يرددها حتى الصباح ويبكي. وقد كان في وجه عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء. وقدوتهم صلى الله عليه وسلم كان يبكي إذا قرأ القرآن حتى يسمع له أزيز كأزيز المرجل.

62- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بمحاسبة نفسك وأطرها على الحق أطراً، وحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي يوم القيامة. قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "جماع ذلك أن يحاسب الإنسان نفسه أولاً على الفرائض، فإنَّ تذكر فيها نقصاً تداركه، إما بقضاء أو إصلاح، ثم يحاسب على المنهيات، فإن عُرف أنه تكتب منها شيئاً تداركه بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، ثم يحاسب نفسه على الغفلة، فإن قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال على الله تعالى".

63- ليكن لك قدوة في لبس العباءة الساترة المحتشمة، ودافعي عنها وافتخري بها؛ فلعها تكون ستراً لك في الدنيا وستراً لك في الآخرة عن النار، والعباءة عبادة تتقربين بها إلى الله ـ عز وجل ـ حين تلبسينها، فلتهنأ نفسك بالعفاف والحشمة والأجر والمثوبة.

64- الولاء والبراء ركن من أركان العقيدة، فتعبدي لله ـ عز وجل ـ بالولاء للمسلمين، والبراءة من الكفار والمشركين، والولاء والبراء أوثق عرى الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: «من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان» [رواه أبو داود].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن تحقيق شهادة أن لا إله إلاّ الله تقتضي أن لا يحب إلاّ لله، ولا يبغض إلاّ لله، ولا يواد إلاّ لله، ولا يُعادي إلاّ لله، وأن يُحب ما أحب الله، ويبغض ما أبغضه الله".

65- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بالاستغفار والإكثار منه في كل حين قال صلى الله عليه وسلم: «إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» وطوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً، فإنَّه عبادة سهلة ميسورة وفيها من خيري الدنيا والآخرة ما لا يُحصى، ولا يعد من الفوائد.

66- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بعدم الذهاب إلى المناسبات التي فيها منكرات، إذا لم يكن في مقدورك إنكارها وإزالتها واحذري لباس الشهرة فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» [رواه مسلم].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "ليس للإنسان أن يحضر الأماكن التي يشهد فيها المنكرات ولا يمكنه الإنكار إلا بموجب شرعي، مثل أن يكون هناك أمر يحتاج إليه لمصلحة دينه أو ديناه لابد فيه من حضوره، أو يكون مكرهاً". [الفتاوى 239/28].

67- اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات» [رواه البخاري]. وإذا طُردتِ من رحمة الله فإلى أين الملجأ والملاذ؟ فتقربي إلى ربك بترك المحرمات التي نهى عنها.

68- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بكثرة الإنجاب واحتسبي ذلك قربة وعبادة، واصبري على التعب والمشقة؛ فإنَّ في ذلك أجراً قال صلى الله عليه وسلم : «تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم» [رواه أبو داود]. وتجنبي حديث الكفار ومن يريد تقليل النسل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم على غير هدى.

69- تقربي إلى الله ـ عز وجل ـ بصلة الأرحام فقد أمر الله ـ عز وجل ـ بذلك في آيات كثيرة، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الهجر والقطيعة فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قاطع رحم» وقال صلى الله عليه وسلم في حديث عظيم: «من كان يؤمن بالله واليوم والآخر فليصل رحمه» [رواه البخاري].

وقد ذُكر من الذنوب والأسباب التي تحول بين الإنسان والخير قطعة الرحم، قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [سورة محمد: 23].

قال بعض العلماء: "إن الإنسان إذا قطع رحمه أصابه الصمم وعمى البصيرة. والمراد بالصمم أنه لا تنفع فيه موعظة، ولو عرضت عليه المواعظ التي تفتت الجبال ما أثرت فيه، ولو أثرت فيه فهي لحظية ثم تزول: {وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} فلا يرى خيراً، ولا يوفق لطاعة".

70- تقربي إلى الله ـ عز وجل ـ بالتحذير من الكهنة، والعرافين، والسحرة، والمشعوذين، وعدم تصديقهم بما يقولون، قال صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم» [رواه أحمد].

وكوني عوناً في التبليغ عنهم؛ لاكتفاء شرهم، وتطهير المجتمع من أذاهم.

71- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بالمحافظة على الأسرار الزوجية ولا يكن ذلك حديثاً على لسانك، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم: من ذلك بقوله: «إنَّ من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجل يُفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرَّها» [رواه مسلم] فاحذري أن يقوم لسانك مقام (جهاز تصوير) ليصف ما يقع، فالأمر خطير.

72- تعبدي لله ـ عز وجل ـ بترك فضول الأسئلة، وتتبع الناس وأحوالهم فإن من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه، ولو تأملت لوجدت الكثير من الأسئلة فيها إحراج وتدخل في خصوصيات عباد الله. فدعي الناس في أحوالهم ولا تكوني كثيرة الأسئلة.

73- أكثري من تعدد النيات في العمل الواحد، فإن أردت الوضوء ليكن لك نية طاعة أمر الله ـ عز وجل ـ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [سورة المائدة: من الآية 6]، وليكن لك نية في متابعة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وليكن لك نية أن تتساقط ذنوبك من آخر قطرة من الماء كما ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وليكن لك نية رفع الحدث حتى تصح صلاتك، وهكذا في جميع الأعمال.

قال بعض العلماء: "وددت لو كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلاّ، فإنه ما أتى على كثير من الناس إلا من تضييع ذلك".

ومن الموفَّقين يجمع الله ـ عز وجل ـ له عشر نيات أو تزيد في العمل الواحد، بل وحتى إذا نوى العبد ولم يعمل يثاب على ذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: "النية المجردة عن العمل يثاب عليها، والعمل المجرد عن النية لا يثاب عليه، ومن نوى الخير وعمل منه مقدوره وعجز عن إكماله كان له أجر عامل".

قال الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ: "ولابد أن يميز العادة عن العبادة، فمثلاً الاغتسال يقع نظافةً، أو تبرداً، ويقع عند الحدث الأكبر، وعن غسل الميت، وللجمعة ونحوها،فلابد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغسل المستحب.. فالعبرة في ذلك كله على النية".

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لسعد بن أبي وقاص: «إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك» [رواه البخاري].

قال النووي ـ رحمه الله ـ: "وضع اللقمة في فيّ الزوجة يقع غالباً في حال المداعبة، ولشهوة النفس في ذلك مدخل ظاهر، وعلى ذلك إذا وجَّه القصد في تلك الحالة إلى ابتغاء الثواب حصل له بفضل الله". [فتح الباري 37/1].

74- لا تكن الدنيا أكبر همك،ومبلغ علمك فإنّ نهايتها قريبة، قال الحسن: "أدركت أقواماً وصحبت طوائف، ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل ولا يقبلون على شيء منها أدبر، وهي في أعينهم أهون من التراب، وكان أحدهم يعيش سنةً أو سنتين لم يطوله ثوب، ولم ينصب له قدر، ولم يجعل بينه وبين الأرض شيئاً، ولا أمر من في بيته بصنعة طعام قط. فإذا كان الليل فقيام على أقدامهم يفترشون وجوههم، تجري دموعهم على خدودهم، يناجون ربهم فكاك رقبتهم، كانوا إذا عملوا الحسنة دأبوا في شكرها، وسألوا الله أن يقبلها، وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله أن يغفرها لهم، فلم يزالوا على ذلك، والله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا من الذنوب إلا بالمغفرة. رحمة الله عليهم رضوانه".

أختي المسلمة: تعبدي لله ـ عز وجل ـ بكل أمر مباح؛ لتنالي الأجر والمثوبة. واجعلي نصب عينيك الآخرة... {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً} [سورة الإسراء:19].

أختي المسلمة: إن استطعت ألا يسبقكِ إلى الله أحدٌ فافعلي.

غفر الله لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق